منظمة ضحايا لحقوق الانسان :نشطاء بنغازي السلميون ما بين صمت الشارع وتهديد المليشيات .
بتاريخ 16 أبريل, 2014 في 04:54 مساءً | مصنفة في حوادث وقانون | لا تعليقات

تقرير منظمة ضحايا حول ما يتعرض له نشطاء مدينة بنغازى منذ بداية حراكهم السلمى الرافض لوجود المليشيات وانتشار السلاح والمطالب بالدولة المدنية دولة المؤسسات والقانون  التى يحميها ويعززها جيش وطنى وجهاز شرطة .

بدأ نشطاء بنغازى وقادة الحراك السلمى وعلى رأسهم فقيد الأمه عبدالسلام المسمارى حراكهم مع بداية عام 2012 مروراً بجمعة إنقاذ بنغازى وما تلاها من جمع وصولاً للعصيان المدنى السلمى فى 6 ابريل 2014، فبعد إعلان التحرير فى 23 أكتوبر 2011 ، أستشعرالنشطاء خطورة انتشار السلاح وعسكرة الشارع الليبي والذى نتج عنه أنتشار المليشيات بصورة مخيفة ، حيث أسست هذه المليشيات فى أعلب الأحيان على أسس قبلية وإيديولويجات راديكالية ، وكانت للأفكار المتطرفة النصيب الأكبر ، فكتائب مثل : ” راف الله السحاتى وشهداء االزنتان و17 فبراير وأنصار الشريعة والدورع ” ، قادتها و الكثيرمن أفرادها يعتنقون أفكاراً تكفيرية ، بالإضافة لاتهام عدد من قيادات هذه الكتائب بإرتكاب العديد من جرائم  القتل والاغتيال التى وقعت فى مدينة بنغازى ، بدءً من اللواء عبد الفتاح بونس مروراً بالسفير الامريكى وضباط الجيش والشرطة والنشطاء وعلى رأسهم المحامى / عبدالسلام المسمارى .

 فاعليات الحراك السلمى ببنغازى

كنتيجة لما سبق ورغبة فى بناء دولة عصرية ، تنادى العديد من النشطاء ودعوا للعديد من التجمعات السلمية فكانت جمعة انقاذ بنغازى وبنغازى لن تموت وليبيا للجميع وبعدها مظاهرة ذكرى شهيد لاحياء وطن ، وعودة الحق المطالبة بعدم التمديد للمؤتمر الوطنى بعد 7 فبرير 2014 بالاضافة للعديد من الفاعليات التى تؤازر ضباط الجيش وتدعم رغبتهم فى إعادة بناء الجيش على أسس عصرية وإبعاد العناصر التى لا تنتمى للمؤسسة العسكرية من الثوار المدنيين عن المناصب القيادية فى الجيش  وأخيرً كان الحراك السلمى المطالب فى العصيان المدنى فى 6 ابريل 2014 . إحتجاجاً على تردى الأوضاع الأمنية فى ليبيا عموماً وبنغازى بالأخص ، فالإغتبالات والتفجيرات أصبحت سمة أساسية وخبراً إعتاد عليه سكان بنغازى ، فتحولت المدينة الهادئة من مدينة للعلم والثقافة والفنون لمدينة تتناثر بها أشلاء الضحايا ويشتم رائحة الموت شوارعها ، الأمر الذى أدى لمغادرة العديد من البعثات الدبلوماسية للمدينة وكذلك الشركات ، حيث لم يعد المناخ امناً ولا ملائماً للعمل ، بل زاد أن طالت يد الإرهاب النساء والأطفال ،حيث تم استهداف العديد من ضباط الجيش وتفجير سيارتهم ، بينما يقلون أسرهم ، وكان أخر من حصدتهم يد الإرهاب عدد من الهمال المصريين المسيحيين قرابة العشرة ، تم خطف وتصفيتهم بالرصاص فى سابقة تخالف أحكام ديننا وعادات وتقاليد شعبنا الذى يتسم بالتسامح وقبول الاخر ، حدث ولا يزال يحدث ذلك فى غياب متعمد للحكومة والمؤتمر وهى السلطات الرسمية فى الدولة المنوط بها حفظ الأمن والاستقرار فى البلاد التى أضحى مواطنيها غرباء وغير امنين على أنفسهم وذويهم ، فخطف الرجال والنساء والأطفال طلباً للفدية وتصفية لثأرات وإرضاءً للشهوات أصبح أمراً لا يثير الحمية ولا يحرك سلطات الدولة ، التى سيطر عليها المتطرفون ، وأصبحوا هم صناع القرار ، فمنهم الوزراء ووكلاء الوزراء وقيادات الأمن والمخابرات ونواب البرلمان ، وتحولت باقى الأحزاب والتكتلات لألعوبة فى أيديهم ، حيث أستصدرت لهم قرارت الشرعنة لمليشياتهم ومنحت لهم الملايين ، بل وامتدت إيدهم لسرقة المال العام لتمويل عملياتهم الارهابية ، كل ذلك بدعم وتأييد وسكوت من كتل الوفاء والعدالة والبناء وبعض المستقليين أصحاب التوجهات المتطرفة ، وفشل قيادات ثورة فبراير فى لم شمل الشعب الليبي وإعادة المهجرين وإخراج المعتقليين من سجون الظلم حيث التعذيب والقتل ، فشلوا فى إحتواء الليبيين بل زاد أن قسموهم لمؤيد ومعارض ومدن ثائرة ومدن خانعة ، وكان نتاج ذلك فشل فى قيادة الدولة على شتى الأصعدة فالفساد المالى والإدارى والوساطة والمحسوبية فى الوظائف ، ومنح الوظائف بطريقة المكافأت والمحاصصة بين المدن ، وأصبحت ليبيا ملجأ وملاذً امناً لكل إرهابيي العالم ، وضاقت ليبيا بأهلها رغم براحها حتى أصبحت الهجرة خارج الوطن حلماً وخياراً  للكثيريين ليس من النشطاء فحسب بل ومن المواطنين الراغبين فى الحفاظ على سلامة أسرهم ومستقبل أولادهم .

نشر الأفكار التكفيرية

لم يتوقف عدوان الإرهاف والتطرف عند القتل والتفجير ، بل امتد ليشمل تدمير جيل المستقبل من المراهقين وصغار السن ، عن طريق نشر الأفكار التكفيرية بينهم ، ففى ظل  غياب الدولة وسيطرتهم وسطوتهم قاموا بأنشاء العديد من المعسكرات التدريبية والتى تشمل بجانب الأعمال العسكرية تثقيف وتربية النشء على أفكارهم التكفيرية المتطرفة وهذا هو الخطر الذى ىوشك ينتشر كالفيروس بين فتياننا وشبابنا وهو أحد أسباب إستمرار الحراك السلمى التنويرى للنشطاء فى بنغازى وغيرها ، ورغم جهود النشطاء فى التصدى لهذا المرض الفتاك ” الأفكار التكفيرية المتطرفة ” نجد كثير من الساسة وصناع القرار يدعمونهم ويوفرون لهم الغطاء السياسي ، وقد تحدث عن ذلك فى مناسبات عدة المتحدث السابق باسم الغرفة الأمنية بنغازى المقدم / محمد الحجازى وأخيراً كان ما تحدث به الملازم / طارق الخراز المتحدث باسم مديرية أمن بنغازى ، بمثابة الفاجعة ودقاً لناقوس الخطر ، حيث أوضحت وأكدت تصريحاته إخراق تلك الجماعات المتطرفة للأجهزة الأمنية وتعاون مدير أمن بنغازي مع تلك الجماعات ضد أمن واستقرار المدينة بل لا يستبعد ان يكون مدير الأمن واحد منهم وعذواً بجماعتهم حيث أن اثنين من ابنائه ينتمون لتنظيم أنصار الشريعة المتطرف ، ولم ينج الخراز من تلك الجماعات التي بدأت في تهديده والبحث عنه محاولة إغتياله وإسكات صوته ، مما أضطره للهجرة خارج ليبيا طلباً حفاظاً على حياته ومن قبله فعلها عشرات النشطاء والعدد مرجح للزيادة في ظل استهداف المليشيات لهم والسعي لتصفيتهم لوأد الحراك السلمى المطالب بالإصلاح والتغيير .

الكتائب والتحريض على النشطاء

يوم 21 سبتمبر 2012 كان يوماً فارقاً في تاريخ ليبيا كلها وليس بنغازي فحسب ، في ذلك اليوم خرج الشعب الليبي بعشرات الالاف نساءً ورجالاً قائلين لا لوجود الكتائب نعم للجيش والشرطة ، وأنت اليوم نهاية مأسوية ، حيث قتل 17 من المتظاهرين السلميين أمام كتيبة راف الله السحاتى ، ورغم معرفة الجناة وثبوت الأدلة ، لا يزالون طلقاء أحرار ، حيث يحظى هؤلاء برعاية ودعم سلطات الدولة الرسمية ، ورغم ما حققته تلك الجمعة التى سميت بجمعة إنقاذ بنغازي من إنهاء لوجود الكتائب بالمدينة ، إلا أن الدولة كان لها راي اخر فقد حضر فجر اليوم التالي رئيس المؤتمر محمد المقريف ورئيس الأركان يوسف المنقوش وجرموا ما قام به المتظاهرون من حراك سلمى ونسوا أن هذه إحدى هذه الكتائب قتلت 17 متظاهراً بالرصاص الحى ، وزادوا أن شرعنوا هذه المليشيات ، وأعطوها الاموال والسلاح . مما جرؤها لسفك المزيد من الدماء أمام مقر كتيبة درع ليبيا بالكويفية حيث حصدت أسلحة الكتيبة المتوسطة منها والثقيلة 42 متظاهراً برصاص امر الكتيبة وسام بن حميد ورفاقه ، ورغم فداحة المصاب لا يزال المجرم طليق وأهالي المتظاهرين يطالبون بالقصاص لكن دون جدوى وللمرة الثالثة يتكرر المشهد في مدينة طرابلس تتكرر المذبحة لكن بشراسة وعدد أكبر فقد قضى 50 من المتظاهرين نحبهم برصاص كتائب ومليشيات مصراتة فى منطقة غرور وكالعادة المجرم طليق بل زاد أن استقبلتهم مدينتهم بالذبائح والترحاب .

محاولات الاعتداء المتكررة على نشطاء مدينة بنغازى

ولأنها هى محركة الشارع وترمومتر الحراك ، فقد تعرض نشطائها لمحاولات الاعتداء المتكررة ، منها حادثة الاعتداء بالأيدى عليهم بفندق الفضيل وبعدها بفندق تيبيستى الأمر الذى وصل لإطلاق النار عليهم أمام فندق تيبستى من أشخاص ينتموت لبعض المليشيات العسكرية غير الشرعية بالمدينة  ، ثم تطور الأمر فقاموا باغتيال أنيس الجهانى وعبدالسلام المسمارى وتعددت محاولات الاغتيال المتكررة لأعضاء فى الحراك كان منهم عبدالله الغريانى الذى زرعت له عبوة ناسفة فى سيارته بلا لحقوا البعض منهم حتى فى بيته .

لم ينتهى الأمر إلى هذا الحد بل سعى الكثيرين من أعضاء التنظيمات غير الشرعية مثل جماعة الاخوان وبعض المليشيات ، للقبض على هؤلاء النشطاء ، بتهمة الانقلاب على الشرعية ،ووصفهم بالأزلام واللجان الثورية فى محاولة رخيصة لتأليب الرأي العام ضدهم وإيجاد ذرائع للاعتداء عليهم . بعد اغتيال ضمير الثورة وقائد الحراك السلمى بالمدينة المحامى عبدالسلام المسمارى ، تأزمت الأمور وازدادت الحملة على نشطاء الحراك السلمى بالمدينة ، فقد بدا واضحاً أن التكفيريين ومن نحا نحوهم يسعون وبقوة لإسكات أى صوت ينادى بالتغيير وإلإصلاح  ، وشهدت الفترة التى أعقبت اغتيال المسمارى هجرة عدد كبير من النشطاء خارج البلاد كان أخرهم أمال بوقعيقيص التى هوجمت عدة مرات ووصفوها بالعلمانية والسافرة وغير ذلك من الأوصاف وبدا أنهم يسعون لاغتيالها فهم أشخاص لا يعرفون مواجهة الفكر بالفكر بل الرصاص هو طريقتهم الوحيدة للحوار وإسكات الأصوات المخالفة لهم .

الحرب العلنية على النشطاء

فى الفترة التى أعقبت جمعة إنقاذ بنغازى وتحديداً في حراك ذكرى شهيد وما بعدها تعرض نشطاء الحراك السلمى  للملاحقات واطلاق الرصاص عليهم في شارع الاستقلال وبدئت الكتابة عليهم وتهديدهم علانية على صفحات الفيس بوك وانزال صورهم فى محاولة رخيصة للتشهير بهم وتحريك خلاياهم النائمة ومنفذي الاغتيالات نحوهم . وبدأ التصعيد ضدهم والتهديد المستمر بالهاتف وعبر صفحات التواصل وملاحقتهم فى مقر سكناهم وأماكن تجمعاتهم ، حيث تعرض عدد منهم للرمي بالرصاص .

المؤسسة الدينية والكيل بمكيالين

المؤسسة الدينية ممثلة فى دار الإفتاء وعلى لسان المفتي / الصادق الغرياني كان لها دور كبيير في محاربة النشطاء ووصف أعمالهم بالتخريبية وأنهم يسعون للخروج على الشرعية وكانت فتاواه عاملاً أساسياً ساعد على محاربة النشطاء واستهدافهم ، كل ذلك بينما لا يرى المفتي عمليات الاغتيال والتفجير وسرقة المال العام وقتل المتظاهرين فى بنغازي وطرابلس بالرصاص الحى . كما تعالت الدعوات بمحاكمة النشطاء بالعدالة الثورية وزاد أن تظاهر أعضاء من تنظيم القاعدة ( أنصار الشريعة ) في ساحة المحكمة ضد نشطاء الحراك وما يقومون به .إضافة للحرب الإعلامية عليهم فى العديد من القنوات والإذاعات المؤد لجة التي تذكرنا بعهود الطغيان وميراث الديكتاتورية البغيض ، فما فتئت تلك المنابر الإعلامية ، تشن الحرب وتمارس التحريض ضدهم وتسعى للنيل منهم ومن سمعتهم .

6 أبريل والعصيان المدني

كانت دعوة العصيان المدني التي دعي إليها النشطاء ، كوسيلة حضارية للتعبير عن السخط وعدم الرضا عن سياسة الدولة ، ودفعها لإحداث تغيرات وتحسين الاوضاع السياسية والأمنية ، كان رأي النشطاء أن المؤتمر قد تجاوز صلاحياته الدستورية وأكمل المدة الزمنية المقررة له فى الاعلان الدستوري ، إضافة لتردى الأوضاع الأمنية وانتشار القتل والتفجير فى مدينة بنغازي على نحو جعل منها بنغاز ستان وصار الخوف يسيطر على الجميع وانتشرت رائحة الموت في الشوارع والطرقات ، ولك يعد احد بمنأى من الاغتيال ، الذى طال الجميع رجالاً ونساءً أطفالاً ، أستمر نشطاء الحراك في العصيان المدني لمدة 10 أيام ، تحملوا فيها كل سهام النقد والتجريح والتخوين والعمالة والتهديد بالقتل ، ونظراً لخوفهم من أن ترتكب أعمال عنف تنسب إليهم بعد ادعاء المناوئين لهم بأنهم يسعون لاستمرار العصيان بقوة السلاح ، وأيضاً قرب انتخابات المجلس المحلى بنغازي ، فقد قام النشطاء من تلقاء أنفسهم وسعياً وراء الاستقرار وخوفهم من اختراق الحراك والقيام بأعمال عنف تنسب اليهم ، قاموا بإنهاء العصيان المدني وسط ألم وحسرة مما آلت إليه الأوضاع السياسية والأمنية فى المدينة وما وصل اليه الساسة من فساد وتواطؤ مع المليشيات و كتائب الموت .

 مستقبل الحراك السلمى

لاشك أن الدولة وحلفائها قد نالوا من الحراك كثيراً ، عن طريق تخويفهم للناس من الخروج للمظاهرات وكذلك تخويفهم وترهيبهم حتى يفشلوا العصيان المدني لكن برغم كل ذلك فقد نجح هؤلاء النشطاء فى بلورة تيار شعبي رافض للظلم والقهر والديكتاتورية والفساد ، كما قال فقيد الأمة عبدالسلام المسمارى : ” لمن يهددون باستخدام العنف ضدنا او القتل أو التغييب بسبب مواقفنا الوطنية : سنهزمكم بنضالنا السلمى .. أقوى سلاح بيد الشعوب ، فخلال انشغال بالصراع على السلطة ونهب أموال ليبيا ، نجحنا في تغذية وعى الشعب بالأفكار والحقائق التي بلورت تيار شعبي واسع يرفضكم ، ويدرك تجاوزاتكم والضرر الذى ألحقتموه ه بالوطن ،  هذا التيار لن ينال منه تهديد أو تغييب أو قتل لهذا الناشط أو ذاك ، لأنه تيار شعبي ممتد فى أواسط البسطاء والنخب ،فى كافة المدن والمناطق الليبية ، فلا مستقبل لكم مهما فعلتم ، فأنتم وأمثالكم  طارئون ومصيركم الزوال ، ولابد من ليبيا وإن طال النضال ” . إن النشطاء الذين يقودون الحراك السلمى ، هم أبناء هذا الشعب وهم من أحرص الناس على وحدة الوطن ورفعته وتقدمه ، وهم لن يتراجعوا ولن يثنيهم أحد عن تقديم أرواحهم قرابين لهذا الوطن ، فكونوا يا شعب ليبيا معهم لأجل ليبيا ووفاءً لدماء الشهداء الذين خرجوا لأجل وطن لا لأجل مصالح أو مكاسب ، حمى الله ليبيا وحمى نشطاء الحراك السلمى في بنغازي وكل مدن ليبيا .

 

خاص صحيفة ليبيا السلام

نبذة عن -

اترك تعليقا