العدالة مفردة قوية جدا وتقاعس المجتمع الدولي أزاء ليبرتي
بتاريخ 1 نوفمبر, 2014 في 01:22 مساءً | مصنفة في مقالات | لا تعليقات

 www.libyaalsalam.net_3

كانت العدالة دائما مفردة قوية جدا طوال التاريخ ولا زلنا نجعل منها مصدرا للقوة .، فلم يكن يقوى أي ديكتاتور مستبد ومتطرف على مواجهتها إلا انه لابد من دفع ثمن إحياء وظهور هذه الكلمة وهذا الثمن هو ما يدفعه الأحرار والمثقفون دائما.

هنا مخيم ليبرتي قرب مطار بغداد الدولي. انه اسم رائع وجذاب في إيحائه لمن يسمعه عن بعد دون إطلاع على حقيقة ما يجري فيه .، أما المطلعون فلا يرون فيه حق الاسم ولا رسم الوصف (مخيم ليبرتي اسمه ليبرتي ولا اسم في الاسم ..أما السكان فقد تعاونوا مع المجتمع الدولي كاثبات لحسن النوايا وضحوا من اجل الحرية على ان تكون لهم الحرية ولم تكن ) ليبرتي خربة ومكان شبه مدمر حيث لا مخيم ولا حرية بل انه سجن ومعتقل يختصر في الألم والمرض والتعذيب والموت داخل حصار بالجدران الكونكريتية المرتفعة ورجال مسلحين.، كما يمنع التردد منه واليه كما يمنع وصول الصحفيين والبرلمانيين والشخصيات الحقوقية اليه. مخيم ليبرتي بالبؤس الذي جعلوه عليه والظلم القائم بحقه وبحق سكانه جعله القائمين والاوصياء عليه خنجرا في خاصرة بلاد الرافدين.

ليبرتي أمسى خربة وليس بمخيم بل معتقل مُختصر في الألم والمرض

ذهبت منذ فترة الى صديقي القديم محمود محمد احد سكان المخيم المصاب بمرض السرطان وجعل يروي قصة حياته: ولد محمود في مدينة طهران وأكمل تعليمه الإعدادي والثانوي القسم الادبي في طهران.، وامتزجت آماله مع وصف للطبيعة والإنسان والاجتماع وصولا الى الانتفاضة عام 1979 حيث تجسدت آمال محمود في مشاهد الانتفاضة الشعبية تلك حيث تجاوزت كل ما كان يتوقعه .. وبعد الثورة ضد الملكية تعرف لاحقا على منظمة مجاهدي خلق الايرانية وقضيتها.

وبعد فترة أقدم بشجاعة الانخراط في صفوف الأحرار في مخيم اشرف بهدف الدفاع عن الحرية وطموحات الشعب الايراني المشروعة وهناك في أشرف قاوم أعمال الاضطهاد والتعسف بما فيها 4 هجمات شنها عملاء النظام الايراني على اشرف ثم تحمل قصفا صاروخيا على مخيم ليبرتي لـ 3 مرات. وتحدث عن اصابته بمرض السرطان المؤلم حيث يقول: « في يوم من الأيام عندما رفعت حملا ثقيلا فجأة أدركت انه كسر عظم عضدي بحيث شعرت بألم شديد وبعد عدة أيام بعد ان خضعت لفحوصات طبية قال الطبيب لي بانك اصبت بمرض السرطان في العظم». ولكن الخبر لم يمنعه من ممارسة نشاطاته حيث يقول: «شاهدت الموت أمام أعيني غير آن الأمر العجيب هو أنني شعرت بان اصابتي بهذا المرض قد جعلتني أكثر شراسة بوجه الظلم واستعدادي لدفع ثمن مواجهتي له الى ابعد المستويات واكثر مما كانت عليه إرادتي سابقا بحيث شعرت انه ومنذ ذلك اليوم أصبحت معانى المفردات والحقائق بالنسبة لي أكثر وضوحا وواقعية وأخذت معاني كلمات مثل المحبة والشعور بالصداقة والعرفان بالجميل تجاه الآخرين والتقاليد الانسانية السامية لونا آخر كما شعرت في داخلي بإحساس يدفعني الى المزيد من الأمل والفرح ». وألف محمود الكثير من المقالات الأدبية في وصف مشاهد لصمود ومقاومة اصدقائه أمام ظلم الاعداء وتقاعس وسكوت المجتمع الدولي بما فيها رسائل كتبها حول اصدقائه بشأن ضرورة المقاومة بوجه الظلم. الاشعار التي ألفها محمود مباشرة بعد 3 هجمات صاروخية علي ليبرتي وقد أثار بذلك الأمل من جديد لدى أصدقائه.

محمود: « رغم فرض الحصار على ليبرتي الا اننا نعيش في زمن لم يعد يمكن تكميم الافواه والأفكار فيه واخذ لسان الناس بالرهينة ولا يمكن لغيوم الظلام ان تحجب اشراقة شمس الحرية» واضاف محمود بينما ملؤت مفرداته بالأمل الكبير يقول: « ان افق العصر الجديد يبشر بغروب المستبدين والمتطرفين الظلاميين و عرابهم في طهران».

سألت عن كيفية العنايات الطبية فقال لي: « يفتت الألم العظام في جسدي و أعاني من صداع شديد في رأسي بسبب نفاد أدويتي المهدئة حيث لم يسمح رجال الاستخبارات في ليبرتي له بالخروج من المخيم ووصوله ووصول مرضى آخرين إلى المستلزمات الطبية حيث أن السكان يعيشون في حصار طبي». واضاف: « بامكاننا الذهاب الى مستشفى واحد فقط مع وضع شتى العراقيل أمامنا بحيث لم يسمح في البدء للمترجم بالذهاب معك ثم يقومون بمماطلة وهدر الوقت في مدخل المخيم حتى الوصول الى المستشفى متأخرا وبعد كل ذلك لا يسمح لك باخذ وصفة العلاج من الصيدلية بحجج مختلفة وواهية اضافة الى التعامل معك كمجذوم .. وقد توفي 21 من السكان بهذه الطريقة لحد الآن».

ويقول محمود بشأن تقاعس المجتمع الدولي وخاصة الأمم المتحدة تجاه مذكرة التفاهم التي لم يندرج فيها أبدا رأي السكان يقول: «في بعض الاحيان، ان تحمل الآلام مهما كانت شديدة الا انها أكثر راحة من سكوتهم لانهم يهدون روح الإنسان الحزينة». واختتم محمود كلامه بالأمل الكبير يقول: « لا يمكن منع نمو البرعم لان ذلك يتطلب في البداية حجب اشعة الشمس من السماء وهذا ما لا يمكن فعله».

بقلم/ حسن محمودي كاتب ايراني

صحيفة ليبيا السلام

نبذة عن -

اترك تعليقا