لماذا يصرّ د. بوسدرة على إمساك العصا من المنتصف، بشأن إلإغتيالات ؟؟؟
بتاريخ 25 ديسمبر, 2012 في 01:22 مساءً | مصنفة في مقالات | 13 تعليقات

 

 

ذكر لي أحد الأصدقاء أن السيد محمد بوسدرة أطل عبر الشاشة ليطرح شروط من يقومون باغتيالات بنغازي، وأنه بدون تنفيذ هذه الشروط لن تقوم للدولة قائمة كما قال حضرته. ربما هذا ما دفعني لأتحين الفرصة لأشاهد إعادة بث البرنامج الذي استضافه، وهو ما حدث، حيث لم تسنح لي الفرصة لمشاهدته في بثه المباشر. في الواقع، وقع د. بوسدرة في مزالق كثيرة دفعه إليها مقدم البرنامج دفعاً، خاصة بعد أن ذكر له أن هذه الجماعة الإسلامية ارتضته حكماً ووسيطاً. حينها استرسل حضرته ليوضح لنا مفهوم الإسلامي، ويعترض على صفة التطرف، ويطالب بالقصاص دون أن يزعج نفسه بتوضيح كيفية استجلاء البينة أو أن يتطرق للجهة المخولة بتنفيذه، وهو ما أوقعه في بعض اللغط.

عندما سأل السيد مذيع البرنامج ضيفه عن معنى مصطلح (إسلامي)، وتساءل بعدها: أليس كل المسلمين إسلاميون؟!، أجابه بأن الإسلامي هو كل من رضي بالله رباً، والنبي رسولاً، والإسلام ديناً. وأضاف: إن من هذا أن يكون الإسلام حكماً بيننا لتطبق أحكامه وشرائعه. من جهتي، أعتقد أن الشيخ بوسدرة وقع في ذات اللبس الذي يقع فيه الكثيرون، فبالرغم أن مصطلح (الإسلامي) هو ليس مصطلحاً معاصراً كما يعتقد البعض، إلا أن هذا التعريف الذي قدمه السيد بوسدرة هو يخص المسلم وفقا للنص القرآني. إذا فمن هم الإسلاميون؟. هنا نقول إن من أوائل من ذكر مصطلح الإسلاميون هو الإمام أبو الحسن الأشعري، وذلك في بدايات القرن الرابع الهجري، في مؤلفه الذي كان بعنوان “مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين”. حيث تناول فيه بعضاً من أقوال الشيعة والخوارج والمعتزلة والمرجئة والضرارية، وبيّن مزاعمهم وذكر اختلافهم فيها. ولذا فإنه يستبين لنا أن أبا الحسن الأشعري كان يقصد ذلك الربط بين لفظة الإسلاميين وبين تلك الفئات الضالة، وهو الذي عاش دهراً مع المعتزلة قبل أن يتحول، بعد ذلك، لمذهب السنة والجماعة وهو ما مات عليه، رحمه الله تعالى. بيد أن الغرب استعمل هذا المصطلح بقوة مع ظهور مختلف التيارات الإسلامية ولا سيما الجهادية والتكفيرية منها، ليعممها على كل المسلمين كنوع من التشويه المبطن، وهو ما حمل كثير من المثقفين من تبني هذا المصطلح، ولكن أن يتبناه أحد المشائخ ورجالات الدين كالشيخ بوسدرة فهذا هو مثار الاستغراب.

تبرأ د. بوسدرة صراحة من كل هذه الأعمال التي تؤدي لسفك دماء المسلمين وهو ما أقل ما نرجوه من أمثاله، ولكنه بالمقابل حاول يوضح لنا وجهة نظر الفاعلين عندما قال أنه ليس بإمكانهم أن يروا جلاديهم يسرحون أمامهم وهم يتفرجون في ظل غفلة الدولة عنهم. وما يوقفهم عن ذلك شروط أربعة منها جعل الشريعة مصدراً رئيساً للتشريع، وتطبيق العزل السياسي، والقبض على كل من شارك في القمع والتعذيب طيلة سنوات حكم القذافي. نعرف جميعنا أن تطبيق هذا يحتاج لوقت، وافترض مذيع البرنامج أنها ستحتاج لسنة في أحسن الظروف، فهل معنى هذا أن الدم الليبي سيراق طيلة هذه السنة حتى تتحقق هذه المطالب؟. لم يبد السيد بوسدرة جواباً شافياً على هذا السؤال لأن الكلمة الفصل ليست له، بل لمن جاء يعرض شروطهم، إذا لم ارتضى الشيخ لنفسه هذا الموقف؟. لماذا يستنكر كل تلك الاغتيالات ثم يعمد على البحث بين ثنايا كلماته عما يبرر فعل تحرمه الشريعة من قبل جماعة تطالب بتطبيقها، فأي تناقض هذا؟!. لماذا يصر د. بوسدرة على إمساك العصا من المنتصف، كما كثير من ساستنا اليوم، وهو يعلم أكثر من غيره درجة حرمة الدم المسلم؟!. فإذا اضطرنا أزلام المقبور وبعض أعضاء أمنه الداخلي على نهج نهجهم، إذا ما الذي سيفرقنا عنهم؟.

اعتقد أنه كان بإمكان السيد بوسدرة قول الكثير، ولكنه فضل أن يقف بجوار السور، كما يقال. بل أنه ساهم في تضليل الليبيين لأنه يدرك جيدا أنه ليس كل من طالتهم يد الغدر ضمن من ذكرهم حضرته. فماذا عساه سيقول لنا إذا ما سألناه عمن اغتال المستشار جمعة الجازوي والعقيد محمد هدية والشيخ عبدالله الفسي وغيرهم. ولذا فإننا لم نكن نطمع منه إلا أن يتحلي ببعض من شجاعة تكفيه ليصدح بالحق، فهو خير من يعلم أن إزهاق دم المسلم فعل لا يمكن تبريره إلا وفق ما بينه الدين الحنيف، وإلا لكان الأولى أن يبرره المصطفى – عليه الصلاة والسلام – لأسامة بن زيد، إذا ليس بعد الكفر ذنب.

 

والله المستعان

 بقلم / نضال الشركسي

خاص صحيفة ليبيا السلام

 

نبذة عن -

اترك تعليقا