ما هو أصل الخلاف حول قانون العزل السياسي؟؟
بتاريخ 11 مارس, 2013 في 04:54 مساءً | مصنفة في مقالات | تعليق واحد

تمر ليبيا هذه الأيام بمنعطف سياسي لن أقول انه خطير او ايجابي المهم هناك منعطف و نسأل الله ان يكون بعده الخير , فلقد خرج العديد من النشطاء السياسيين و النخب السياسية بفكرة تشريع قانون يعزل من خلاله كل من كانت له صلة بالنظام السابق لمنع اي انقلاب ناعم على الثورة من قبل منظومة الحكم السابقة, هنا سأحاول تشخيص الداء بكل تجرد و حيادية و اعذروني في اي اخطاء فهذه أول مقالة اكتبها اتمنى ان يوفقني الله في كل حرف فيها.
دعونا نبدأ من يوم بداية ثورة 17 فبراير ففي تلك الأيام تباينت المواقف بين مؤيد للنظام السابق و بين منحاز للثورة حتى من اكثر المقربين من معمر القذافي و كانت تلك الأحداث الفرصة الذهبية للمعارضين في الخارج لكي يحققوا ما ناضلوا من أجله لسنوات طويلة فشارك المنشقون عن النظام و المعارضون له معا في الثورة على الرغم ان الدور الحقيقي على الأرض لعب الدور الرئيسي فيه الثوار الذين لم يكونوا معارضين و لا منشقين و دفعوا ثمن هذه الثورة من دمهم و ارواحهم و اطرافهم, إذا يمكننا ان نصنف الموجودين على الساحة السياسية إلى ثلاث ( ثوار و منشقين و معارضين) , فلا احد يستطيع ان ينكر دور المنشقين عن النظام في قيادة مرحلة الثورة فأول المنشقين المستشار مصطفى عبدالجليل كان رئيسا للمجلس الإنتقالي الذي كان يمثل الجناح السياسي التشريعي للثورة و محمود جبريل ترأس المكتب التنفيذي الذي كان يمثل الحكومة في ذلك الوقت و عبد الفتاح يونس رحمه الله قاد الجبهات في المنطقة الشرقية و كلهم كانوا اعمدة في نظام القذافي, و ايضا لا احد منا ينكر مجهودات المعارضين في الدفع بكل مجهوداتهم لإنجاح الثورة فمنهم من كان نائب رئيس المجلس الإنتقالي مثل قنان ومنهم من أخذ على عاتقه الجانب الإعلامي للثورة يترأسهم محمود شمام و غيره, “”هذه بعض الأسماء المشهورة لدى المواطن الليبي اسردتهم لتقريب الصورة “”, إذا في ايام الثورة كان هناك تلاحم و تكاثف من الجميع ثوار و منشقين و معارضين ,ما الذي حدث بعد ذلك؟, سأحاول الإجابة على هذا السؤال ولأنني عاهدت نفسي ان اكتب بتجرد لذلك لن أنجر الى نظرية المؤامرة و التخوين و سأعتبر أن الجميع وطنيين و همهم مصلحة الوطن و أن كل الأحداث حدثت بالصدفة و ليس لها علاقة بأي اجندات خارجية , دعونا نرجع الى البدايات من جديد , كما اسلفنا سابقا ان كل الاطراف شاركت في الثورة و في الشهور الاولى لم تكن هناك تفرقة بين اخوة الثورة فالمنشقين عن النظام انحازوا للشعب و سخروا كل خبرتهم في قيادة المرحلة متكاثفين مع المعارضة في صف واحد من اجل الاطاحة بنظام القذافي و داعمين للثوار في ساحات الجبهات و كانوا الثوار يكنون كل الاحترام و التقدير لمن تصدّر المشهد السياسي و اعطوا فيهم كل الثقة حتى وصلنا الى يوم الانتصار, في تلك الايام اشرقت الشمس و استيقظ الجميع ليروا ليبيا بدون الدكتاتور الذي تحكم في كل كبيرة وصغيرة في البلاد ,تفتحت عيون الثوار و المنشقين و المعارضة على حجم التركة التي تركها النظام السابق بلاد شاسعة خيرات نفطية و غازية كبيرة موقع استراتيجي ومن هنا بدأ التنافس على من يقود البلاد و يكون الوصي على هذه التركة , فالثوار يقولون نحن من ضحى في الجبهات بالروح و نحن الأحق بأن نكون المتصدرين في كل شيء اما المنشقين و هم الطائفة الأكثر معرفة بالكنز الليبي تمسكوا بموقفهم بحجة ان انشقاقهم قسم ظهر النظام و قادوا المرحلة السياسية بكل جدارة , و المعارضين السابقين حزموا امتعتهم من بلاد المنفى وقدموا الى ليبيا حاملين شعار نحن المناضلين و نحن من تأذى من حكم القذافي و لنا الأسبقية في نيل صدارة المشهد السياسي , بين هذا و ذاك تطور التنافس حتى جاءت انتخابات المؤتمر الوطني و لعل هذا المقام يجيز لنا التحدث عن تركيبة المؤتمر الوطني , المؤتمر الوطني يتكون من 200 عضو 120 منهم مستقلين و 80 عضو يتبعون الى  الكتل و احزاب سياسية , بعدها جاءت الانتخابات و انتخب الشعب نوابه بين مستقلين و قوائم حزبية كانت النتائج تشير الى تقدم تحالف القوى الوطنية في القوائم مع حزب العدالة و البناء و اكتملت الانتخابات جاء موعد انتخاب رئيس و نواب رئيس المؤتمر الوطني في ذلك اليوم اتضحت الصورة تماما التحالفات انقسم المؤتمر الى ثلاثة كتل رئيسية كتلة التحالف و كتلة الإخوان المسلمين و كتلة حزب الاتحاد من أجل الوطن فاز في ذلك اليوم الدكتور محمد لمقريف الذي يصنف حسب ما اوردنا في التصنيفات السابقة بأنه من المعارضين للقذافي , بعد ذلك وصل المؤتمر الوطني في استحقاق انتخاب رئيس للحكومة يكون بديلا لحكومة الكيب هنا ظهرت عيوب تركيبة المؤتمر بشكل واضح على الرغم من تمكن ابوشاقور من الفوز بعد منافسة حامية مع محمود جبريل إلا انه بعد ذلك فشل ابوشاقور في تشكيل الحكومة مرتين و تخللت جلسات المؤتمر في تلك الفترة اقتحامات عديدة رافضة للتشكيل الذي تقدم به ابوشاقور مما شكل ضغط كبير على اعضاء المؤتمر واضطر المؤتمر الى اعادة انتخاب رئيس للحكومة فاز به علي زيدان و شكل الحكومة و لم يجد اعضاء المؤتمر طريقا الا منح الثقة لحكومة زيدان رغم كل التحفظات عليها من الأعضاء , اكاد اجزم ان بداية معركة قانون العزل السياسي هو يوم إعلان حكومة زيدان لما فيها من اسماء محسوبة على النظام السابق فأصبح العزل السياسي من وقتها مطلبا شعبيا من الكثير من الناشطين السياسيين و ما أكثرهم هذه الأيام ومن مؤسسات المجتمع المدني و من داخل المؤتمر الوطني, طبعا الأمر لن يكون بهذه السهولة فكل طرف يقول انه شريك في الوطن وشارك في الثورة و لا يقبل ان يفصل عليه العزل مستشهدين بالدور الريادي للمنشقين ايام الثورة اما المعارضون فلا يستثنيهم العزل أيضا فالعزل من 1969 يشملهم و ايضا لأنهم يحملون جنسيات اجنبية او لأنهم تراجعوا في السنوات الاخيرة و عاهدوا سيف ألقذافي أمثال الأخوان المسلمين لكنهم يحاربون ضد هذا القانون معولين على سنوات المعارضة الطويلة , المشهد بهذه الصورة يوحي ان قانون العزل سيتم رفضه من اعضاء المؤتمر فتركيبة المؤتمر جعلت من الصعب بما كان ان يسيطر طرف على المؤتمر و يتفرد بقراراته طبعا القائل سيقول نعم نريد المؤتمر للجميع دون ان يتفرد به احد لكن في نفس الوقت هذه التركيبة خلقت خلافات كبيرة بين الاعضاء وبين الكتل الحزبية داخل المؤتمر ولدرجة عدم تمكن لا الحكومة و لا اي طرف من تمرير المقترحات او القرارات الحساسة بسهولة.
كما اسلفنا ان العزل حظر بقوة بعد تولي زيدان لمنصب رئيس الحكومة هنا نستطيع ان نقول ان قانون العزل السياسي مجرد امتداد للصراع على السلطة لا اكثر و لا اقل.

 

 بقلم / حسن كامل

صحيفة ليبيا السلام

 

نبذة عن -

اترك تعليقا