أخوان ليبيا ماذا بعد أن ثبت عجزهم عن مخاطبة عقولنا ؟
بتاريخ 31 مارس, 2013 في 11:38 مساءً | مصنفة في مقالات | لا تعليقات

يشكو عبدالرحمن الديباني رئيس تكتل العدالة والبناء بالمؤتمر الوطني العام مما سماها مرحلة هيمنة حزب الجبهة الوطنية على المؤتمر، موضحاً أن جميع القوى السياسية يجب منحها الحق الطبيعي في المشاركة لخلق التوازن، وبالتالي الحد من هيمنة الجبهة حسب وصفه، ولكن نعرف جميعنا أن حزب الجبهة ربما يكون من أكثر الأحزاب توافقاً مع حزب الأخوان لتقاربهما ايديولوجياً. وهذا ما يجعلنا نستعلم عن حقيقة شكوى الديباني الذي يبدو أنه لم يشاهد رفيقه صوان عبر شاشة ليبيا الأحرار وهو يتكلم عن توجسه من التحالف الوطني وقال أنه التكتل الوحيد الذي لا يتوافق بحجة علمانيته. ولم يقف رئيس حزب العدالة والبناء عند هذا الحد، بل أنكر على الآخرين قولهم أن الدكتور جبريل هو الأوفر حظاً بمنصب رئيس الوزراء مؤكداً دعمه لأبوشاقور والبرعصي، فبعد فشل مرشح الأخوان السيد البرعصي في التأهل للجولة الثانية من الانتخابات، انحازت أصوات الأخوان للسيد أبوشاقور ضمن تسويات واتفاقات مسبقة ستجعل رئيس الوزراء مكبل بقيودها، والتي ستحد من خياراته في اختيار وزرائه مما يزيد فرص فشلها. وهذا ما لاحت ملامحه عندما صرح د. أبوشاقور برغبته في الاحتفاظ بعدد من وزراء حكومة الكيب.

 التساؤل الذي يطرح نفسه هنا، هو أن السيد رئيس الوزراء يدرك بلا شك مقدار سخط الشعب على هذه الحكومة التي وصفت بالفاشلة في أكثر من مناسبة، فلماذا هذا الميل لتكرار نفس الوجوه الغير مرضي عنها؟. وقد يزيد الطين بله أيضاً، تسريبات تقول أن هناك ضغوطاً على السيد أبوشاقور بتكليف بلحاج لمنصب وزير الداخلية. قد يكون فعلاً السيد رئيس الوزراء غير ملماً بالقدر الكافي بالشأن الليبي، ربما تغيب عليه كثير من خباياه بسبب غيابه معظم سنوات عمره عن أرض الوطن، وبالتالي سينقاد وراء ضغوط ستعيد لنا سيناريو حكومة الكيب الكئيبة. ولكن ألا يدرك الأخوان حساسية الوضع في ليبيا؟. كيف لهم أن يدفعوا ببلحاج لمثل هذا المنصب ويعرفون هم قبل غيرهم قصور إمكانياته وضحالة خبرته وانعدام شعبيته؟. ألا يكفي الشعب الليبي عبدالعالي واحد حتى نأتيه برفيق له في الفشل آخر. نعم، يعي الأخوان كل ذلك ولكن مساعيهم هذه تمكنهم من القبض على مقاليد الدولة دون أن يكونوا في الواجهة مما يؤمن لهم مصالحهم، ولتذهب مصلحة الشعب الليبي للجحيم.

وبالمثل، ذهب الأخوان بثقلهم وراء أبوشاقور لأنهم يعرفون جيداً أنهم يستطيعون الزج به في كل ما يريدون بدون عناء يذكر، وهذا ما لم يتوفر في غيره. وبالتالي فإن ما يصرح به السيد الديباني ما هي إلا ذر الرماد في العيون، وترهات يراد بها الضحك على الذقون ليس إلا، حيث تصر هذه الجماعة على المضي في طريق الالتفاف على ثورة هذا الشعب فإن لم يكن بعناصرها، فبأحد حلفائها. لم يرض الأخوان بمن اختاره الشعب عبر الصناديق، فما كان إلا فرض إرادتهم التي بدأت باختيار الدكتور المقريف رئيساً للمؤتمر الوطني بأسلوب رأيناه لإبعاد زيدان المحسوب على التحالف كما يشيعون.

 يتكرر ذات المشهد بحذافيره لحظة اختيار رئيس الوزراء وبنفس الأيادي لنلحظ إقصاء جبريل هذه المرة، والأمر المضحك المبكي هو ما تسوقه قنوات إعلامية مسيطر عليها إخوانياً تكرر على مسامعنا كل مرة أن المقريف وأبوشاقور منتخبين من قبل الشعب، وهو ما نعرف جميعا عدم صدقه. فحزب الجبهة الذي ينتمي إليه كليهما لم يتحصل إلا على ثلاثة مقاعد من أصل ثمانين، فكيف يكونان هما اختيار الشعب؟!. فماذا يريد أخوان ليبيا بعد وهم يهددون تحت قبة البرلمان أن ليبيا ستتحول إلى صومال آخر إذا ما تم انتخاب محمود جبريل؟. من المؤكد أن الشعب لن يثور إذا ما فاز جبريل بمنصب رئيس الوزراء لسبب لن نكرره، وإلا فمن الأولى أن يخرج ضد اختيار أبوشاقور لذات السبب. فكيف إذا ستتفجر ليبيا وفق تعبيرهم إلا إذا كان هم من سيفعل ذلك أو بتحريض منهم.

لم يعد يملك الأخوان إلا استعطافنا دينياً، مرة تلو الأخرى، بأنهم الموكلون بتأويل الدين بعد أن ثبت عجزهم عن مخاطبة عقولنا وفق منطق نستوعبه ونهج نقتنع به. ولعلها المهمة الأصعب بالنسبة لهم، لأنهم لا يستطيعون القيام بها حتى مع أنفسهم، لأنه ببساطة سلموها لمرشدهم المصري وفقا لأركان البيعة له.

ولذلك لا نجد لهم إطار واضح المعالم نستطيع من خلاله أن نستشف طريقهم، وهو ما مكنهم من حمل جميع متناقضات الأرض. وبالتالي فإنه لا غرابة البتة أن يصرح الديباني بما يناقض كلام صوان لأنه نهج متداول لدى جماعة الأخوان، ونجد كثير من ذلك عند فحص تاريخها. فمثلاً السيد الوليد بناني وهو من مؤسسي حركة النهضة الاخوانية ورئيسها من 1991 إلى 1992 وعضو المكتب التنفيذي للحركة كان يقول بأنه يحترم العلمانية، وهي ذاتها التي بح صوت السيد صوان وغيره من أخوان مصر للتنديد بها.  

والله المستعان

بقلم/ نضال الشركسي

صحيفة ليبيا السلام

 

 

نبذة عن -

اترك تعليقا