بنغازي تعيد لنا التاريخ ..ولكن أين هو الجيش كمؤسسة؟
بتاريخ 1 أبريل, 2013 في 11:10 صباحًا | مصنفة في مقالات | لا تعليقات

 

 

إن بعض من أفراد هذه الكتائب يريدون الانضمام للجيش أو للشرطة، ولكن السؤال أين هو الجيش كمؤسسة؟

 

بنغازي .. المدينة التي انبلجت منها الثورة، ها هي تخرج عن صمتها لتنتفض مرة أخرى لتصحح مسار هذه الثورة. هذا في حقيقته يدل على أن هناك انحرافاً طال ذلك المسار زاد انفراجه حتى لم يعد ينفع معه سكوت، وهو ما صرح به معظم أهالي المدينة في لقاءاتهم التلفزيونية. وهنا .. علينا أن نقر بذلك، ولكن قبل ذلك ألا يحق لنا التساؤل عن منشأ ذلك علنا ندرك سببه؟. فهل تكمن المشكلة في كتائب السحاتي وأنصار الشريعة و17 فبراير، وبالتالي حل هذه الكتائب سيحل المشكلة؟، أم القضية هي أبعد من كتائب سئم منها الشعب لكثرة الاستفهامات حولها.

يعرف كل أهالي بنغازي أن من يكون هذه الكتائب هم ليسوا دخلاء على الموقف كما نشاهد بين أروقة المؤتمر الوطني، بل هم ممن وقفوا بكل بسالة يوم السبت الأسود، كما يسميه أهل بنغازي. إن من بين قادتهم من استشهد في ذلك اليوم وبعده حتى تحرير سرت. وهي نفس الكتائب التي حمت بنغازي أبّان انتخابات المؤتمر الوطني، وقبل ذلك يوم انتخاب مجلسها المحلي، ولازالت. إذا فالسؤال المنطقي لم ينقلب أهل المدينة كل هذا المنقلب علي هذه الكتائب؟. وهل مطالبة الناس بعودة الجيش والشرطة هو مطلب في محله؟.

أستطيع القول هنا أنه يوجد من أستطاع أن يستثمر بعض أخطاء أفراد هذه الكتائب لأغراض خاصة.

 فعندما يقوم أنصار الشريعة بحماية مستشفى الجلاء مثلاً لا يملك أحدنا إلا أن يسجل تقديره لهم. ولكن بعضهم أستغل هذا التقدير ليوزع مطبوعات تبث فكرهم وتلعن الديمقراطية . بل أن أحدهم طلب من أحد الموطنين أن ينقب زوجته المحجبة. فالشعب قد يتساهل في أمور كثيرة، ولكن لن يفعل ذلك مع من يتجاهله ويتعالى عليه وهذا مع فعله بعض أفراد هذه الكتائب. حينها أصبح لسان الشعب يقول لهم أذا كنتم تمنون علينا بجهادكم فنحن جاهدنا قبلكم وبعدكم، فاذهبوا غير محسوف عليكم. وبالتالي فإن غض ثوار هذه الكتائب الطرف على تصرفات من انضم إليهم لاحقاً، لأنها لاقت هوى في أنفسهم، هو ما أدى لهذا التغير تجاههم. لذا لم يعد مقبولاً لديهم أن يروا مسلحين يرتدون القبعة الأفغانية وسط الطرقات يسمعونهم ما لا يعتقدون به.

هنا خرجت الجموع لتطالب هذه الكتائب للانطواء تحت الدولة، ولكن الدولة متمثلة في المجلس الوطني أولاً، وبعد ذلك في المؤتمر الوطني، وضعت يدها في هذه الكتائب ودعمتها على حساب إنشاء الجيش خاصة بعد اغتيال اللواء عبد الفتاح. ومما زاد الطين بله هو المواقف المخجلة التي انتهجها المسئولون فيما اعترى الدولة من انفلات سواء في الكفرة وبني وليد وترهونة وسبها وأخيراً براك الشاطئ. كل هذه المواقف توحي بأن الدولة لا تريد، أو لا تستطيع أن تنشأ جيش وطني لم تظهر معالمه للآن، وإنما تزج بالثوار في كل تلك المطبات وكأنها تريد الخلاص منهم. والمتتبع للأحداث الكفرة وبراك يدرك جيداً ذلك.

 لذلك كان لابد لهم أن يعتصموا أمام مقر المؤتمر الوطني، وإن كنا لا نؤيد التهجم على النواب بهذه الطريقة. ولكن عليهم أيضاً أن يكونوا على قدر مسؤولياتهم ويخرجوا ويعترفوا بضعفهم وخورهم ولتكن بعدها الكلمة للشعب الذي انتخبهم. ولكنهم بدلا من أن يفعلوا ذلك انتظروا أكثر من ثلاثة أيام دون أن يحركوا ساكنا في براك وهم يعلمون أن من افتعل هذه المشكلة لن ينتظرهم. بل قد يكونوا وراء تسهيل خروج 20 سيارة من براك باتجاه الجنوب غداة ما حدث فيها.

نعلم يقيناً أن بعضاً من أفراد هذه الكتائب يريدون الانضمام للجيش أو للشرطة، ولكن السؤال أين هو الجيش كمؤسسة؟.

فهو لا يوجد إلا اسماً فقط هذا من جهة. ومن جهة أخرى يدرك البعض الآخر من هذه الكتائب جيداً أن الجيش كأفراد مثخن بالأزلام، وبالتالي فموقفهم سيكون انتقامياً تجاه من ينضم من الثوار إذا ما فعلوا وسلموا أسلحتهم. ولن تستطيع هذه الحكومة ولا الحكومة المنتظرة أن تنظف الجيش من شوائبه لأنهم هم من يقفون وراءها. ولذا فانعدام الثقة بين الثوار وهذه الحكومة الكئيبة هو المسئول الأول عن غياب الجيش وتأخر انضمام الثوار له، وعن أي تدهور أمني قد يستجد. وبالتالي فالقضية لا تقف عند الانضمام أو عدمه وإنما لها تعقيدات عديدة وتشعبات كثيرة.

المقريف الذي يستمد شرعيته من الشعب باعتباره منتخباً، يخرج عليه بمؤتمر صحفي هزيل في دلالة واضحة على عدم إدراكه لخطورة الموقف. فإن لم يتفاعل السيد المقريف مع الموقف بحزم وإيجابيه فإني ابشره بأن هذه الجموع ستخترق برلمانه الموقر لترسله من حيث أتى. ولكن هذه الحكومة التي تتبع سياسة (متزعلش حد) لن يكون بمقدورها الإتيان بأفضل مما كان لأنها حكومة مخترقة بشكل غير مباشر. فلم نكد ننسى موقف جويلي ومصافحته للواعر، حتى رأينا المقريف ويتناول بازينه هناك.

هذا الوزير لم يخرج من سباته إلا ليصف الثوار الذين أرسلتهم وزارة الداخلية إلى براك بأنهم خارجين عن القانون. فأي حكومة ركيكة لدينا.

بنغازي تعيد لنا التاريخ مرة أخرى لتضعنا أمام أنفسنا من جديد. فها هي اليوم تخرج مجددا لتطالب باستقالة وزير الداخلية والدفاع بعد مقتل بعض أبنائها أمام كتيبة السحاتي في جمعة إنقاذها. ولكن قبل مطالبة انضمام على الحكومة أن تحدد آلية وشكل وتوقيت ومكان هذا الانضمام بدلا من تمييعها للمواقف.

 

والله المستعان

 بقلم /نضال الاشقر

 صحيفة ليبيا السلام

 

نبذة عن -

اترك تعليقا