صناعة الدستور الليبي… الشعب يصنع دستوره
بتاريخ 18 يوليو, 2013 في 02:26 مساءً | مصنفة في حوادث وقانون | لا تعليقات

 

صناعة الدستور الليبي ( الشعب يصنع دستوره ) دراسة توضيحية

الدستور : هو القانون الأعلى في الدولة.  وهو القانون الأساسي الذي يبين شكل الدولة ونظام الحكم ويحدد السلطات العامة واختصاصاتها ويبين حقوق الأفراد وحرياتهم وواجباتهم..

الدستور هو القيد المفروض على السلطة في مواجهة الأفراد. 

الضمانة الحقيقية لنجاح أي دستور هي مدى وعي الناس بالمفاهيم الدستورية ومعرفتهم بحقوقهم وحرياتهم .. عندها فقط لا يمكن للسلطة ان تنتهك حقوق الأفراد وحرياتهم تحت أي حجة أو ذريعة.

من خلال هذه الدراسة التوضيحية ، يهمني جداً أن يعرف المواطن الليبي أن الناس هم الذين  يصنعون الدساتير ، وأن ( صياغة الدستور لا تعني صناعة الدستور). إن مهمة صياغة الدستور قد ينجزها ( فرد أو هيئة ) ، والصياغة هي  جزء من إحدى مراحل صناعة الدستور الثلاثة .

هناك ثلاث مراحل لصناعة الدستور هي: ( 1/ انتخاب الشعب لهيئة صياغة الدستور.

 2/  وعي الشعب وثقافته الدستورية .  3/ استفتاء الشعب على مشروع الدستور ).

حقيقة ثابتة – الشعب هو الأساس وهو العامل المشترك في كل مراحل صناعة الدستور..

حقيقة ثابتة – الناس هم الذين يصنعون الدساتير ، والشعب الليبي هو الذي يصنع دستوره..

وصناعة الدستور تمر بثلاث مراحل على النحو التالي:

 

المرحلة الأولى – مشاركة كل الناس في انتخاب الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور:

وهذا يعني ضرورة معرفة الناس بعنصرين مهمين يتعلقان بالهيئة التأسيسية  وهما :

العنصر الأول- المرشحون لعضوية الهيئة التأسيسية :

يجب أن تتوافر ضوابط وصفات معينة في المرشح لعضوية الهيئة التأسيسية وذلك من حيث التقوى والوطنية والكفاءة والمعرفة والتخصص  في مجالات محددة ( كالقانون الدستوري والعلوم الشرعية والعلوم السياسية والاجتماعية والقضاء والاقتصاد والادارة…). ويتطلب ذلك نبذ كل أشكال التعصب والقبلية والمحاباة والترغيب وغيرها والتي كانت سائدة طوال 42 سنة من حقبة الظلم والاستبداد والفساد..

العنصر الثاني – مهمة الهيئة التأسيسية :

تنحصر مهمة الهيئة التأسيسية في شيء واحد لا غير وأمر محدد هو: صياغة مشروع  الدستور الليبي. فهذه الهيئة ليست هيئة تشريعية (برلمان) أو هيئة تنفيذية (حكومة). أو هيئة قضائية.
هي هيئة تأسيسية ، تنحصر مهمتها في صياغة مشروع الدستور الليبي خلال الفترة التي حددها الإعلان الدستوري وهي فترة لا تتجاوز ( 120 يوما ) من تاريخ أول اجتماع للهيئة.

 

الأسس والقواعد التي  يجب أن تحكم صياغة مشروع الدستور الليبي :

هذا المشروع يجب أن يظهر للوجود مستمدا نصوصه من الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للشعب الليبي في كل بقعة من التراب الليبي. هذا الواقع يستند على حقائق ثابتة،  وأسس وقواعد راسخة هي :

1/ الدين الاسلامي الحنيف والشريعة الاسلامية الغراء ولغة القرآن الكريم .

2/ وحدة التراب الليبي  ووحدة الوطن الذي ضحى في سبيله الليبيون على مدى عقود من الزمن في ملحمة تاريخية سطّرت بدماء الشهداء الأبطال في جهاد مشرّف ضد الاستعمار الإيطالي وضد حكم الطاغية.

3/ الدماء الزكية الطاهرة التي سالت في كل أنحاء ليبيا من اجل الحرية والكرامة.

4/ الروابط الاجتماعية الوثيقة  المستمدة من نسيج اجتماعي مترابط ومتشابك لا ينفصم.

5/ توحد الليبيون وتعاضدهم  في مواجهة تقلبات الزمان من أفراح وأتراح ، مما يعني وحدة التاريخ ووحدة المصير الذي يفرض على أبناء الشعب الليبي التعاضد والتماسك ، وعدم التفريط فيما وهبه الله لهم من ألفة ومحبة وقوة .

6/ الطموحات والثقافات والأعراق المختلفة للشعب الليبي هي مصدر تماسكه وقوته ووحدته.

ومن أهم المبادئ  والأهداف التي يجب أن تتأكد على أرض الواقع بإصدار الدستور الليبي هو مبدأ تحقيق الأمن والاستقرار والحياة الحرة الكريمة لكل الليبيين في كل أنحاء ليبيا دون أي تفرقة أو تمييز.

المرحلة الثانية- مدى وعي الناس ومقدار ثقافتهم الدستورية بمفهوم الدستور ومضمونه:

هذه التوعية يقصد بها العمل على توعية عامة الناس بالمفاهيم الدستورية العامة ومفهوم الدستور وما قد يتضمنه من نصوص تتعلق بشكل الدولة ونظام الحكم والسلطات وحقوق الأفراد وحرياتهم  وواجباتهم.

وتنفيذ المرحلة الثانية يكون من خلال مشاركة كل مؤسسات الدولة الرسمية  والمؤسسات العامة والخاصة  ومؤسسات المجتمع المدني . ويكون دور المؤسسات الرسمية من خلال تنظيم حملات مكثفة بمشاركة  الوزارات بأنواعها والمؤسسات التعليمية ( كالجامعات والمعاهد والمدارس ) ، ووزارة الأوقاف والشركات العامة والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني . وذلك من حيث تحديد فترات معينة من كل أسبوع لإقامة الندوات والمحاضرات والمناظرات الحوارية ، سواء في القنوات الفضائية بأنواعها أو الإذاعات المسموعة أو بإقامة هذه الندوات والمحاضرات والمناظرات في قاعات الجامعات والمدارس والمعاهد والمساجد ، والساحات والميادين العامة ، ومساهمة الشركات العامة والخاصة بتوفير ما يمكن توفيره لإنجاح مثل هذه الحملات التوعوية. وقيام مؤسسات المجتمع المدني بتبني مثل هذه الحملات وبمساعدة كل أفراد الشعب.

المرحلة الثالثة- استفتاء الناس على الدستور ( الاستفتاء الدستوري أو القول الفصل ):

بعد قيام الهيئة التأسيسية بصياغة مشروع الدستور ( المرحلة الأولى ) ، وبعد تكثيف حملات التوعية لتعريف عامة الشعب الليبي بالمفاهيم الدستورية العامة ( المرحلة الثانية ) ، تأتي المرحلة الثالثة من مراحل صناعة الدستور الليبي وهي القول الفصل. هذا القول الفصل يعني موافقة الشعب الليبي على هذا المشروع أم عدم موافقته بــ (نعم) أم بــ (لا) ، وذلك في استفتاء عام وهو ما يعرف بالاستفتاء الدستوري (الاستفتاء على الدستور).

آلية الاستفتاء الدستوري وفق ما نص عليه الإعلان الدستوري وتعديلاته:

بعد انتهاء الهيئة التأسيسية من صياغة مشروع الدستور خلال المدة المحددة في الإعلان الدستوري والتي يجب ألا تزيد عن (120 يوماً) من تاريخ أول اجتماع لها ، وبعد الموافقة على المشروع واعتماده بأغلبية ( ثلثي عدد الأعضاء زائد واحد )، تقوم الهيئة في خلال (30 يوماً) من تاريخ الاعتماد بطرح مشروع الدستور للاستفتاء العام.

إذا وافق الشعب الليبي على مشروع الدستور بأغلبية ( ثلثي عدد المقترعين) ، تصادق عليه الهيئة التأسيسية ويصبح دستوراً نافذاً. 

إذا لم يوافق الشعب الليبي على المشروع بالأغلبية المطلوبة ، يعاد المشروع إلى الهيئة التأسيسية لإعادة صياغته وذلك بإجراء التعديلات اللازمة على النصوص التي لم يتم الموافقة عليها ، ثم تقوم الهيئة التأسيسية بطرح المشروع المعدّل مرة أخرى للاستفتاء خلال مدة لا تتجاوز ( 30 يوماً ) من تاريخ إعلان نتائج الاستفتاء الأول.

الخــــــلاصـــة :

إن مشاركة الناس في الاستفتاء العام على الدستور، يعني الوصول إلى المرحلة الثالثة والأخيرة من صناعة الدساتير.  لأن مشروع الدستور الذي صاغته الهيئة التأسيسية  لن يكون دستورا  نافذا إلا بعد موافقة الناس عليه وإقراره…  وعندها فقط يكون دستورا نافذا.

 

وفقنا الله جميعاً لما فيه خير البلاد والعباد ,,, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

 

عاشت ليبيا حرة أبية … عاشت ليبيا وحدة وطنية … يحفظ الله ليبيا

 

اعداد استاذ ماجستير قانون دستوري    /عمر النعاس العريبي

صحيفة ليبيا السلام

 

 

 

نبذة عن -

اترك تعليقا