مخاض ثورات الربيع العربي : بدون أمن وسلام ،ولا تحسنْ في الأحوال المعيشية .
بتاريخ 26 أغسطس, 2013 في 03:11 صباحًا | مصنفة في قراء ليبيا السلام | لا تعليقات

عالمنا العربي اليوم يمر بمرحلة مخاض لا نعرف مصيرها وأصبحنا حيارى لا نعرف ماذا يجري حولنا،  فلم نعد نعرف من هو الحاكم الدكتاتوري ومن هو الحاكم الديمقراطي  ومن هو الأمين الصادق والسارق الكاذب . ونتساءل أحيانا هل الديمقراطية  مطلب لحرية الشعب وتحقيق أماله؟ أو هي وسيلة فئة للسيطرة والسرقة والاغتناء.

 هل ثورات الربيع العربي نابعة من إرادة الشعوب العربية وطموحاتها أو هي ثورات من صنع وتشجيع أمريكا والدول الغربية لتنفيذ السياسة الأمريكية الجديدة للمنطقة العربية الرامية إلى التخلص من نشاط الجماعات الإرهابية الإسلامية في أمريكا والدول الأوربية الذي أخل بالنظام فيها وكلفها الترليونات من الدولارات  والآلاف من الضحايا واضطرارها أخيرا لجنوح للسلم مع الجماعات الإسلامية وتحويل نشاطها الإرهابي  إلى الدول الإسلامية والعربية  دول مصدر الإرهاب .

 كما وجدت أمريكا والدول الغربية  بأن خير سبيل للوصول إلى ذلك الهدف هو التخلي عن دعم الحكام الديكتاتوريين في العالم العربي مجاراة لدعوات حقوق الإنسان والرأي العام الغربي  وتشجيع الجماعات الإسلامية للتخلي عن الإرهاب في الغرب وتولي السلطة في بلادها ، عسى أن يرضي ذلك طموحاتها ويغرقها في مسئوليات الحكم والدخول في مواجهة مع الشعوب العربية والإسلامية المتطلعة إلى الحرية والديمقراطية التي ترفضها الجماعات الإسلامية ، وهكذا يتحول الصراع  إلى دول مصدر الإرهاب نفسها الدول العربية والإسلامية وتتخلص أمريكا والدول الغربية من مسئولية محاربة الإرهاب داخل وخارج بلادها  وتتفرغ إلى مشاكلها المالية .   

 دول الربيع العربي :استبدلت وجوهاً قديمة بوجوه جديدة بسلوك واحد، و تكالب على السلطة وبيع المصلحة الوطنية وخدمة الشعب بالمنصب والمال .

لقد فرحنا ورحبنا بثورات الربيع العربي التي كنا نحلم بها وتحققت بفضل مساندة أمريكا والدول الغربية لها ولم يكن يعنينا من هو وراء هذه الثورات وكان أملنا الاستقرار والتفرغ لخدمة بلادنا وتحقيق رفاهيتها . ولكن أمالنا في الثورات لم تتحقق وتحولت حياتنا بسرعة إلى كارثة فلا أمن ولا سلام ولا تحسن في أحوال المعيشة ، واكتشفنا إننا استبدلنا وجوها قديمة بوجوه جديدة أما السلوك فواحد، تكالب على السلطة وبيع المصلحة الوطنية وخدمة الشعب بالمنصب والجاه والفلوس ، وكل يوم يمر نبتعد  فيه عن الاستقرار والعمل الوطني وتتحول بلادنا إلى دولة المليشيات تقاتل بعضها البعض للحصول على نصيب من ثروة البلاد وتبعث الرعب بين السكان .

 لقد سأمنا التصريحات والبيانات الرسمية وكلها كاذبة المراد بها تبرير المواقف والسرقات. اكتشفنا أننا منقسمون إلى قبائل ومناطق وأحزاب متنافرة وإن من وحدنا ونشر الأمن بيننا في الماضي كان الحكم الدكتاتوري الذي أطحنا به بحجة حرماننا من الحرية والديمقراطية .

لقد اكتشفنا أننا لسنا أهلا بالحرية والديمقراطية ونظرة سريعة إلى دول الربيع العربي اليوم تعطينا دليلا لما أقول . فتونس منقسمة على نفسها بين الإسلاميين والليبراليين ولا دستور وضع ولا حكم ديمقراطي تحقق ولا يعرف أحد ماذا سيحصل غدا ؟، أما مصر فقد وقعت في أيدي الأخوان المسلمين في غفلة من الأحزاب والساسة الليبراليين ورغم أن الرئيس مرسي لم يتحصل إلا على أقل من 25% من الأصوات في المرحلة الأولي للانتخابات  بعدد لا يزيد على خمسة ملايين صوت وتوزعت بقية الأصوات 75% بين الليبراليين وأنصار نظام مبارك  .وكان من الطبيعي أن يفوز للمرحلة الثانية الحزبان الأكثر تنظيما الأخوان المسلمين في شخص مرسي وأنصار مبارك في شخص أحمد شفيق ، وخرج الليبراليون وشباب الثورة من المعركة بخفي حنين . وكان من الطبيعي أن يصوت لشفيق في المرحلة النهائية  من لا يريد حكم الأخوان المسلمين، وان يؤيد مرسي الأخوان المسلمين وخصوم مبارك من الليبراليين ، وهكذا فاز مرسي بالرئاسة بعد إعادة الفرز بأغلبية لا تزيد عن 1% وهي نتيجة لا تعطي مرسي الحق بالإنفراد بالسلطة وتمكين الأخوان المسلمين في مراكز السلطة في مصر . وكان من المفروض أن يشترط في انتخابات الرئاسة  أغلبية الثلثين أما الفوز ب50% زايد واحد فهو نص دستوري وضعه الرئيس مبارك .

ومرسي والأخوان المسلمين لم يفهموا أو تغاضوا قصدا عن هذه الحقيقة ، فلن تستطيع بأغلبية 25% من الناخبين  تحويل مصر إلى خلافة إسلامية وفرض دستور يحقق أهدافك وتعطيل القضاء من أجل هذا الهدف .

 لهذا لم يكن مفاجأة أن يتظاهر يوم 30 يونيو أكثر من 30 مليون مصري ضد الرئيس مرسي، ويستغل الجيش الذي كان يخشى استحواذ الأخوان المسلمين على مقدراته العديدة  الفرصة ويعزل الرئيس مرسي ويعود بعجلة الحكم إلى بدايتها . ولا أحد يعرف ما في رؤوس رؤساء الجيش هل هو إعادة مصر إلى الحكم العسكري برئاسة السيسي ومن ورائه مبارك الذي اخرج من السجن فجأة ليشارك برأيه وخبرته في تسيير الأمور أو تسليم الأمر إلى رئيس مدني صوري في انتخابات مبرمجة كما حدث في الجزائر .

 أما في ليبيا فبداية الصراع قادمة بين المسلمين والليبراليين  والمستقلين لتأخذ شكلا مسلحا ، أو أن تقوم السلطة الانتقالية بتسليم الحكم تدريجيا إلى الأخوان المسلمين ووضع الليبيين أمام الأمر الواقع لتبدأ قصة الصراع العلني .

فلن يترك الليبيون الأخوان المسلمين يحولون بلادهم إلى قلعة للإسلاميين ودولة للخلافة الإسلامية ، ومن جهة أخرى لن يستطيع الأخوان المسلمين بمفردهم حكم البلاد حكما ديمقراطيا فهم أبعد الناس عن الديمقراطية عقيدة وممارسة . وهكذا ندخل  في نفس الطريق الذي اختاره المصريون والمحتمل ، إن الجيش الليبي  إذا تم تأسيسه وصدقت الدول الغربية في تسليحه وإعداده لفرض النظام في جميع أنحاء ليبيا  سيتدخل لإقامة  حكم  ديكتاتوري عسكري من جديد يخدم المصالح النفطية لأمريكا وأوربا ويوفر الأمن والاستقرار للشعب الليبي كما يحدث في دول الخليج .

 بقلم / بشير السني المنتصر

 

صحيفة ليبيا السلام

 

نبذة عن -

اترك تعليقا