الموقف الأمريكي من ثورة السابع عشرة من فبراير
بتاريخ 8 سبتمبر, 2013 في 08:49 صباحًا | مصنفة في مقالات | لا تعليقات

 

الخيار  الأول في الإطاحة بالقذافي كصفقة وحيدة يرغب الغرب بعقدها مع ليبيا هي :النفط الليبي مقابل الدعم الغربي لأي حكومة كانت ، تخرج من رحم الثورة.

 

انطلقت ثورة السابع عشر من فبراير 2011م في بنغازي ، وقد كان عدد قليل من المراقبين يتصور أن ليبيا من الممكن ان تحصل فيها ثورة ، مع قبضة ألقذافي الحديدية والتي تمسك بزمام الحكم منذ أربعين عاما .

منذ الأيام الأولي من انطلاق المظاهرات أمر ألقذافي كتائبه بإطلاق النار علي المتظاهرين وتطور الأمر بعد ذلك لاستخدام مرتزقة أجانب لقمع الحركة الشعبية ، ومنذ الوهلة الأولي كان البيت الأبيض يراقب الإحداث عن كثب فكان الرئيس اوباما يطلع بشكل يومي علي التقارير التي ترد من ليبيا ، وكان التصريح الأول الصادر عن وزارة الخارجية يبدي قلق الولايات المتحدة من الأحداث وينصح موظفي السفارة الأمريكية بمغادرة ليبيا ، كما حث الرعايا الأمريكيين علي إرجاء السفر إلي هذا البلد .

فضلا عن إرسال احتجاج إلي حكومة ألقذافي علي الأسلوب المفرط في استخدام القوة .

ومع الأيام الأولي للقتال بين الثوار وكتائب ألقذافي صدرت أصوات عدة داخل الإدارة الأمريكية تدعوها إلي فرض حظر جوي علي ألقذافي ، ومنهم السيناتور جون مكين وجو ليبرمان ، وبالمقابل كان هناك أصوات تقلل من أهمية ليبيا الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية أمثال ريتشار هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية قائلا ” ليبيا ليست نقطة حاسمة للسياسة الأمريكية سواء للنفط أو الاستقرار الإقليمي ” وخلال المناقشات التي دارت في البيت الأبيض حول ليبيا كان المثال العراق ماثلا بقوة بين المناقشين ، إذ وصف بعض الديمقراطيون حرب العراق بأنها كانت خطئا لا يغتفر في السياسة الخارجية الأمريكية ويجب عدم تكراره .

وبعد اشتداد القتال بين الثوار وكتائب ألقذافي ورفض الأخير الدعوات العربية والدولية لوقف العنف ، صدر قرار مجلس الأمن رقم 1973 في 17 من مارس لفرض حظر جوي علي ليبيا وتولي حلف شمال الأطلسي العمليات العسكرية ، وشاركت الجوية الأمريكية بالضربات . لم يكن التعامل الأمريكي في الحالة الليبية بطيئا ومتلكئا كما حصل في حالة مبارك في البداية ، عندما حرصت وزيرة الخارجية الأمريكية أن نظامه مستقر ولكنه يجب أن يجري إصلاحات ، قبل أن ينهار النظام بكامله ، تؤيد أمريكا الثورة بصورة مطلقة ، أما في الحالة الليبية فكان رد الفعل حاسما وسريعا بتدخل عسكري كامل .

ويدعم لوجيستي ، وبفرض حظر طيران و بتوفير السلاح للثوار ، وذلك التباين في الرؤى الغربية تجاه الثورات يؤكد لنا أن التحركات الغربية لا تنطلق بناء علي مبادئ ولكن بناء علي مصلحة تدور وتتغير وتتباين ، فالمبادئ لا تتجزأ ، والمبادئ الغربية واضحة في ما يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها ، ولكن المصلحة تتغير وتتباين تباينا حادا من بلد إلي أخر ، وما يفسر ذلك الصعود والهبوط في التعامل مع الثورات العربية ، فبالرغم من الشعارات الواضحة للغرب في ما يتعلق بتطبيق الديمقراطية ، إلا أن واحدا من اكبر مفكري الغرب وهو نعوم تشومسكي يؤكد أن الغرب لم يكن يوما يريد تطبيق الديمقراطية في العالم العربي ، فيقول في احدي الندوات ” الولايات المتحدة ستفعل كل ما في وسعها لمنع ديمقراطية حقيقية في العالم العربي ، والسبب واضح للغاية وهو أن الغالبية العظمي من شعوب المنطقة تعتبر الولايات المتحدة مصدرا أساسيا لتهديد مصالحهم ، بل أن الغالبية معارضة لسياسات أمريكا الخارجية ” .

بعد نجاح الثورة ، تعهد الرئيس اوباما بان تكون بلاده صديقا جيدا وشريكا لليبيا الجديدة ، إذ يعتبر أن الثورة الليبية هي صدي للأصوات المسموعة في المنطقة بكاملها من تونس إلي القاهرة وقد ناشد باراك اوباما القيادة الجديدة تفادي الانتقام ودعا إلي عملية انتقالية تجمع كل الأطراف وتؤدي إلي تكوين دولة ديمقراطية في ليبيا .

أما عن كيفية المساعدة لمواجهة التحديات الهائلة أمام ” ليبيا الجديدة ” فان للولايات المتحدة مصالح ثنائية واقتصادية مع ليبيا كما لفرنسا وايطاليا وغيرهما ، ولكن الملاحظ من خلال سلوك الرئيس اوباما منذ بدء الانتفاضة في ليبيا ، انه لا يريد أن تستأثر الولايات المتحدة وحدها بالقرار السياسي ، ومن هنا كان قراره الذي أثار الكثير من الجدل داخل الولايات المتحدة بان تقوم الأخيرة بقيادة العمليات العسكرية خلال الأسابيع الأولي من الهجمات الجوية لحلف شمال الأطلسي علي أن تترك مهمة القيادة في وقت لاحق للحلف وللدول الأوروبية ، وبالتالي فان واشنطن لا تريد أن تتبني عملية إعادة البناء في ليبيا بمفردها وان الرئيس بارك اوباما سوف يلجأ إلي توجه عالمي من خلال الأمم المتحدة أو من خلال آلية أخري تجمع الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي لها مصالح مباشرة وتاريخية مع ليبيا .

بعد أن تستقر الأوضاع في هذا البلد . تختلف ليبيا عن مصر وتونس في أنها تأوي حقولا نفطية غنية وقريبة من أوروبا والولايات المتحدة فالنفط الليبي يسير في مسارات آمنة في البحر المتوسط كما أن المحيط الإقليمي لا يشهد توترات بعكس نفط الخليج العربي ، علي سبيل المثال .

 لذا كان الغرب واضحا منذ بداية الثورة بدعم الثوار بالسلاح والعتاد ولم يتردد حتى في ظل وجود قوي إسلامية يسيطرون علي الثورة .

 فكان خيار الإطاحة بالقذافي هو الخيار الأول ، وهناك صفقة وحيدة يرغب الغرب بعقدها مع ليبيا هي : النفط الليبي مقابل الدعم الغربي لأي حكومة كانت ، تخرج من رحم الثورة ، فيما يخص الشراكة الأمريكية الأوروبية مع ليبيا ما بعد الثورة فعلي الأرجح ستكون علي حساب المصالح الروسية الصينية في ليبيا .

 

 

بقلم/ الأستاذ/ عادل ابوبكر ألطلحي

صحيفة ليبيا السلام

 

نبذة عن -

اترك تعليقا