الشرق الأوسط : ديمقراطية أم ذلقراطية ؟
بتاريخ 19 نوفمبر, 2013 في 01:17 مساءً | مصنفة في قراء ليبيا السلام | لا تعليقات

 

  

يشكل تاريخ 3 يوليوز2013 لحظة فارقة في تاريخ الشرق الأوسط ٬ حيث أطاح الجيش المصري بأول رئيس مدني منتخب عبر انقلاب عسكري مكتمل الأركان ٬ في مسرحية هزلية شارك في إخراجها وتمثيلها ثلة من الأبطال الأسطوريين من طينة سوبرمان وباتمان (الجنرال السيسي ٬ وشيخ الأزهر٬ وبابا الأقباط ٬ والبرادعي ٬ وحزب النور السلفي…) .  فالتطورات الأخيرة للانقلاب العسكري في مصر، تؤشر على مرحلة إجهاض مشروع  بناء الدولة الديمقراطية الحديثة في منطقة الشرق الأوسط ، والتي بدأت تتبلور ملامحها بانخراط  المجتمع المصري في المسار الديمقراطي بعد عقود من الاستبداد والدولة الأمنية.

   صحيح أن الصراع الداخلي المصري هو صراع بين قوى محافظة لها مصالح وامتيازات اكتسبتها في ظل النظام السابق (رجال الأعمال ٬ وكبار الموظفين المدنيين والعسكريين الفاسدين)٬  وبين  أغلبية شعب تطمح للتغيير وللقطيعة  مع مرحلة الاستبداد في عهد الرئيس المخلوع حسني  مبارك. بيد أن  عمق  الصراع المصري يتجاوز البعد الداخلي  البحث ٬ لكونه مرتبط ارتباطا وثيقا بمصير منطقة الشرق الأوسط بكاملها ٬ بل إن أي تغيير  يحدث في الجمهورية المصرية لا يمكنه أن يستمر بدون موافقة القوى العظمى وخاصة الولايات المتحدة نظرا للموقع الجيوسياسي لمصر: قناة السويس ٬ معاهدة السلام مع إسرائيل ٬ القضية الفلسطينية.

وكأن العرب ممنوع عليهم تنفس نسمات الحرية والكرامة  والقيم الديمقراطية التي هبت على  المنطقة .

 

    فقد كشف الربيع العربي زيف التبجح الغربي بالديمقراطية ٬ هذا الغرب المنافق الذي ظل يحاضر علينا حول الديمقراطية وقيمها ومبادئها الكونية، ويتغنى بالديمقراطية الإسرائيلية ، وقف صامتا أمام هذا الانقلاب الفاضح على الديمقراطية وكل المؤسسات المنبثقة عنها من رئيس ودستور وبرلمان ٬ في تواطؤ مكشوف مع الزمرة الانقلابية.سقطت إذن قيم الليبرالية التي تدعي التمسك بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة واحترام حقوق الإنسان ٬ لتبقى حقيقة واحدة راسخة في الأذهان هي أن الغرب لا يريد لنا التحرر من ربقة الاستبداد والذل والهوان ٬ بل يريدنا أتباعا وعبيدا لمصالحه وطموحاته في الهيمنة والاستحواذ.  

 

   فهذا السيد جون كيري في زيارته الأخيرة للقاهرة  يقول : إن هناك مؤشرات على أن قادة الجيش المصري مستعدون لإرساء الديمقراطية ٬ لا أدري عن أي ديمقراطية يتحدث السيد كيري‼ ربما عن الذلقراطية٭( الإذلال كاستراتيجية لممارسة السلطة) ٬التي سترضي الطفلة المدللة إسرائيل. 

  في هذا السياق يقول مدير المخابرات الحربية الإسرائيلية السابق عاموس  جلعاد: إسرائيل محظوظة وسعيدة بالانقلاب العسكري على مرسي.. فاستقرار وأمن إسرائيل أهم من الديمقراطية في الشرق الأوسط.                                                                                                                      

 

   إن عملية عزل الجيش المصري للرئيس المُنتخب ديمقراطيًا من منصبه والاضطرابات التي تعصف بوجه الحكومات المنتخبة في كل من تونس وليبيا واليمن تثير عدة تساؤلات حول دور القوى الغربية في إثارة القلاقل وتأجيج الصراعات في هذه البلدان ٬ قصد إجهاض التجربة الديمقراطية وتحويلها إلى نكسة خدمة لمصالح جيوسياسية بعيدة المدى .

 

       غير أن استمرار المظاهرات اليومية المؤيدة للاختيار الديمقراطي ٬ والفعاليات الشعبية الرافضة للانقلاب ٬ تؤكد أن الثورة على الاستبداد والذل والتبعية صيرورة متواصلة لن تنتهي إلا بتحقيق الشعوب العربية لأهدافها المشروعة في الحرية والكرامة والديمقراطية .

إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسر.


٭الذلقراطية : ورد المفهوم في كتاب” انتفاضات في زمن الذلقراطية” للكاتب والمفكر المغربي الدكتور المهدي المنجرة.

ذ. رضوان قطبي باحث في التواصل السياسي من المغرب

صحيفة ليبيا السلام

 

 

 

 


نبذة عن -

اترك تعليقا